أصدرت سلطة جودة البيئة ورقة حقائق حول محمية نبع العوجا، شمال مدينة أريحا على الحدود الشرقية للمحافظات الشمالية، لتسليط الضوء على أهمية النبع، الذي يشكل جزءا من مكونات النظام الطبيعي والبيئي في فلسطين، ويواجه خطرا حقيقيا جراء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي.
في مدينة أريحا ينهمر “نبع العوجا” أو “عين العوجا” كما يُعرف أيضاً، في المنطقة الشمالية للمدينة ضمن محمية العوجا الطبيعية، ليشكل مصدرا طبيعيا وحيويا للمياه العذبة في المنطقة، ولتشكل المحمية (العوجا) جزءا من النظام البيئي والاجتماعي في محافظة أريحا والأغوار.
الموقع الجغرافي:
يقع نبع العوجا على بعد 11 كيلومترا شمال شرق أريحا، وعلى مقربة من نهر الأردن، الواقع إلى الشرق من الموقع وإلى الشمال من بلدة النويعمة في أريحا.
وتتدفق مياه النبع من سفوح جبال المحافظات الشمالية نحو الشرق، وصولا إلى وادي العوجا الذي يعتبر جزءا من الأودية الطبيعية في المنطقة.
الوصف
تشكل محمية نبع العوجا، نموذجا للمحميات الطبيعية التي تتميز بالمياه العذبة والنباتات الطبيعية، ذات القدرة على تحمل الحرارة المرتفعة والجفاف، كما أن وجود النبع المائي الذي يستمد المياه، من خلال التشكيلات الجيولوجية وطبقات الأرض والصخور المختلفة التي تمرر المياه من مناطق مثل قرية كفر مالك في محافظة رام الله والبيرة، لتمر إلى منطقة العوجا الفوقا والتحتا، لتصب في قنوات المياه لتغذي وادي العوجا، الذي تحاط به أشجار النخيل والسدر والبلوط، وتنتشر فيه الأعشاب والنباتات البرية المتنوعة.
الأهمية البيئية
وبسبب قربها من ضفة نهر الأردن الغربية، تميزت المحمية بمناخ متنوع (المناخ الصحراوي والغوري)، ويُساهم النبع في دعم التنوع البيولوجي المحلي، حيث يوفر بيئة مناسبة لموائل للنباتات والحيوانات، ويُسهم النبع في الحفاظ على التوازن البيئي في المنطقة، من خلال توفير عنصر الحياة الأول وهو المياه اللازمة للنباتات والحيوانات المحلية.
وتعد المحمية موطنا لتنوع بيولوجي غني، ومصدرا رئيسيا للمياه العذبة في منطقة الأغوار، ويعتمد العديد من المزارعين على مياه النبع لري محاصيلهم، مثل أشجار الحمضيات والنخيل والخضراوات المختلفة.
وتُعد المحمية من المناطق الهامة لمراقبة الطيور، إذ تمر من خلالها أنواع مختلفة من الطيور المهاجرة وتعشعش فيها أنواع متعددة من الطيور المقيمة.
ومن بين الطيور والحيوانات (عصفور الشمس الفلسطينيـ الطائر الوطني لدولة فلسطين، والعويسق، والوروار، والحوامة، وغزال الجبل الفلسطيني، والوبر الصخري، والضبع المخطط)، ومن بين النباتات (القرنفل البري، وسوسن الصفا، وسوسن شفا الغور، والباذنجان البري).
ولهذا تعد وجهة سياحية مميزة تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم، حيث تُتيح لهم فرصة الاستمتاع بالطبيعة الخلابة وممارسة الأنشطة الترفيهية المختلفة، مثل المشي لمسافات طويلة حيث يمتد المسار عبر المنحدرات الشرقية بدءا من عين سامية حتى عين العوجا.
التحديات البيئية: التلوث، استغلال مفرط، تغيرات مناخية، اعتداءات مستعمرين، إلقاء نفايات
يواجه نبع عين العوجا، تحديات مختلفة كمشكلة التلوث الناتجة عن الأنشطة البشرية في المنطقة، والاستخدام المفرط لمياه النبع الذي يؤدي إلى تراجع منسوب المياه، ما يؤثر في توازن النظام البيئي.
كما أن التغيرات المناخية تؤثر في كمية الأمطار التي تتساقط فوق المستجمعات المائية المغذية للنبع، ما يتسبب في فترات جفاف خلال السنة تؤدي إلى تراجع كميات تدفق المياه بل جفافها في بعض أجزاء النبع.
وتواجه المنطقة خطرا حقيقيا من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، مثل الاستيلاء على الأراضي وبناء المستعمرات، ما يُهدد بتدمير البيئة الطبيعية وتجفيف النبع.
التطورات الأخيرة
شهدت المنطقة في الآونة الأخيرة، اقتحامات من مستعمرين إسرائيليين لمجرى مياه النبع، وقاموا بإلقاء نفايات المستعمرات في مجرى النبع، بهدف تلويثها وحرمان الفلسطينيين من الاستفادة منها والتنزه في محيطها.
وعملوا كذلك على رسم علم دولة الاحتلال على القناة التي تجري عبرها المياه القادمة من النبع الرئيسي.
الأضرار الصحية والبيئية
إن عمليات التلويث المختلفة كإلقاء النفايات ووضعها في مياه النبع تشكل خطورة على صحة المواطنين وخطرا بيئيا، وتخالف قوانين منظمة الصحة العالمية والقانون الدولي الإنساني والاتفاقية الدولية للتنوع البيولوجي التي تعد معاهدة دولية تهدف إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي واستخدامه المستدام.
انتهاك للقانون الدولي
تشكل ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ومستعمريه في المنطقة وفي مناطق المحميات الطبيعية في المحافظات الشمالية، انتهاكا صارخا لأحكام اتفاقية التنوع البيولوجي التي تُلزم الدول الأعضاء الحفاظ على هذا التنوع وضمان استمرارية الأنواع والنظم البيئية.
مورد طبيعي
كانت المحمية الطبيعية من أهم روافد نهر الأردن قبل السيطرة الإسرائيلية عليها، وتشكل المحمية جزءا من التراث الطبيعي الفلسطيني، ونبعها يعد شريان حياة لمدينة أريحا وسكانها.
ما يجري بحقها مؤخرا من المستعمرين يؤكد العقلية الاستعمارية لهم، وسعيهم الدؤوب إلى سرقة الموارد الطبيعية وتدمير البيئة الفلسطينية.